خباب عن عكرمة عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أريد الحج أَشتَرِطُ قال نعم قالت فكيف أقول. قال قولي لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني.
قلت قد اختلف الناس في هذا المعنى وفي إثبات الاشتراط في الحج فذهب بعضهم إلى أنه خاص لها، وقال يشبه أن يكون بها مرض أو حال كان غالب ظنها أنها تعوقها عن إتمام الحج فقدمت الاشتراط وأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كما أذن لأصحابه في رفض الحج وليس ذلك لغيرهم، قال هذا القائل وسواء قدم المحرم الشرط أو لم يشترط فإنه لا يحل به عامة المحرمين. وأثبت بعضهم معنى هذا الشرط واستدل بهذا الحديث على أن الإحصار لا يقع إلاّ بعدوّ مانع، وأما المرض وسائر العوائق فلا يقع بها الإحلال قال ولو كان يقع به الاحلال لما احتاجت إلى هذا الشرط.
وممن قال لا حصر إلاّ حصر العدو ابن عباس، وروي معناه عن ابن عمر، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أصحاب الرأي لا فرق بين العدو والمرض في أن الإحصار واقع بهما.
وقال سفيان الثوري الإحصار بالكسر والمرض والخوف.
قلت وفي قوله ومحلي من الأرض حيث حبستني دليل على أن المحصر يحل حيث يحبس وينحر هديه هناك حرما كان أو حلاً وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين أحصر نحر هديه وحل. وقال أصحاب الرأي دم الإحصار لا يراق إلاّ في الحرم يقيم المحصر على إحرامه ويبعث بالهدي ويواعدهم يوماً يقدر فيه بلوغ الهدي المنسك فإذا كان ذلك الوقت حل.