كقولك بني فلان داراً إذا أمرببنائها وضرب الأمير فلانا إذا أمر بضربه، وروي رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً وقطع سارق رداء صفوان، وإنما أمر برجمه ولم يشهده وأمر بقطع يد السارق ومثله كثير في الكلام، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم المفرد ومنهم القارن والمتمتع وكل منهم يأخذ عنه أمر نسكه ويصدر عن تعليمه فجاز أن يضاف كلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على معنى أنه أمر بها وأذن فيها وكل قال صدقاً وروى حقا لا ينكره إلاّ من جهل وعاند والله الموفق.
قلت وقد يحتمل ذلك وجها آخر وهو أن يكون بعضهم سمعه يقول لبيك بحج فحكى أنه أفردها وخفي عليه قوله وعمرة فلم يحك إلاّ ما سمع وهوعائشة، ووعى غيره الزيادة فرواها وهو أنس حين قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك بحج وعمرة ولا تنكر الزيادات في الأخبار كما لا تنكر في الشهادات وإنما كان يختلف ويتناقض لو كان الزائد نافيا لقول صاحبه فأما إذا كان مثبتا له وزائدا عليه فليس فيه تناقض ولا تدافع.
وقد يحتمل أيضاً أن يكون الراوي سمع ذلك يقول على سبيل التعليم لغيره فيقول له لبيك بحجة وعمرة يلقنه ذلك، وأما من روى أنه تمتع بالعمرة إلى الحج فإنه قد أثبت ما حكته عائشة من إحرامه بالحج وأثبت ما رواه أنس من العمرة والحج إلاّ أنه أفاد الزيادة في البيان والتمييز بين الفعلين بإيقاعهما في زمانين وهو ما روته حفصة روى عنها عبد الله بن عمر أنها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك فقال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر فثبت أنه كان هناك عمرة إلاّ أنه أدخل عليها الحج قبل أن يقضي