يسار عن عبد الله بن عباس قال كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وذلك في حجة الوداع.
قلت في هذا الحديث بيان جواز حج الإنسان عن غيره حيا وميتا وأنه ليس كالصلاة والصيام وسائر الأعمال البدنية التي لا تجري فيها النيابة وإلى هذا ذهب الشافعي.
وكان مالك لا يرى ذلك وقال لا يجزئه إن فعل وهو الذي روى حديث ابن عباس، وكان يقول في الحج عن الميت إن لم يوص به الميت إن تصدق عنه وأعتق أحب إلي من أن يحج عنه. وكان إبراهيم النخعي وابن أبي ذئب يقولان لا يحج أحد عن أحد والحديث حجة على جماعتهم.
قلت وفيه دليل على أن فرض الحج يلزم من استفاد مالا في حال كبره وزمانته إذا كان قادرا به على أن يأمر غيره فيحج عنه كما لو قدر على ذلك بنفسه. وقد يتأول بعضهم قولها إن فريضة الله أدركت أبي شيخا فقال معناه أنه أسلم وهو شيخ كبير.
وفيه دليل على أن حج المرأة عن الرجل جائز. وقد منع ذلك بعض أهل العلم وزعم أن المرأة تلبس في الإحرام ما لا يلبسه الرجل فلا يحج عنه إلاّ رجل مثله وحكي عن مالك وعن أبي حنيفة أنهما قالا الزمن لا يلزمه فرض الحج إلاّ أن أبا حنيفة قال إن لزمه الفرض في حال الصحة ثم زمن لم يسقط عنه بالزمانة،