على معنى خطاب الشاهد. وأصحاب الحديث يروونه على معنى الخبر يقولون ما ولدت خفيفة اللام ساكنة التاء أي ما ولدت الشاة، وهو غلط يقال ولَّدت الشاة إذا أحضرت ولادها فعالجتها حتى يبين منها الولد وأنشدني أبو عمر في ذكر قوم:
إذا ما ولَّدوا يوماً تنادوا ...أجديٌ تحت شاتك أم غلام
والبهمة ولد الشاة أول ما يولد يقال للذكر والأنثى بهمة. وقوله لا تحسبن أنا من أجلك ذبحناها معناه ترك الاعتداد به على الضيف والتبرؤ من الرياء.
وقوله ولا تحسبن مكسورة السين إنما هو لغة عُليا مضر وتحسبن بفتحها لغة سفلاها وهو القياس عند النحويين لأن المستقبل من فعل مكسورة العين يفعل مفتوحتها كقولهم علم يعلم وعجل يعجل إلاّ أن حروفا شاذة قد جاءت نحو نعِم ينعِم ويئس ييئس وحسب يحسب، وهذا في الصحيح، فأما المعتل فقد جاء فيه ورِم يرِم ووثق يثق وورع يرِع وورِي يرِي.
وقوله لا تضرب ظعينتك كضربك أميتك فإن الظعينة هي المرأة وسميت ظعينة لأنها تظعن مع الزوج وتنتقل بانتقاله. وليس في هذا ما يمنع من ضربهن أويحرمه على الأزواج عند الحاجة إليه فقد أباح الله تعالى ذلك في قوله {فعظوهن واهجروهن في المضاجع}[النساء: ٣٤] وإنما فيه النهي عن تبريح الضرب كما يضرب المماليك في عادات من يستجيز ضربهم، ويستعمل سوء الملكة فيهم. وتمثله بضرب المماليك لا يوجب إباحة ضربهم، وإنما جرى ذكره في هذا على طريق الذم لأفعالهم ونهاه عن الاقتداء بها.
وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ضرب المماليك إلاّ في الحدود وأمرنا بالإحسان إليهم وقال: من لم يوافقكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله.
فأما ضرب الدواب فمباح لأنها لا تتأدب بالكلام ولا تعقل معاني الخطاب