وقوله لا يقبل منه عدل ولا صرف فإنه يقال في تفسير العدل أنه الفريضة والصرف النافلة. ومعنى العدل هو الواجب الذي لا بد منه ومعنى الصرف الربح والزيادة ومنه صرف الدراهم والدنانير والنوافل زيادات على الأصول فلذلك سميت صرفاً.
وقوله يسعى بها أدناهم فمعناه أن يحاصر الإمام قوما من الكفار فيعطي بعض أهل عسكر المسلمين أمانا ًلبعض الكفار فإن أمانه ماض وإن كان المجير عبداً وهو أدناهم وأقلهم. وهذا خاص في أمان بعض الكفار دون جماعتهم ولا يجوز لمسلم أن يعطي أماناً عاماً لجماعة الكفار فإن فعل ذلك لم يجز أمانه لأن ذلك يؤدي إلى تعطيل الجهاد أصلا وذلك غير جائز.
وقوله فمن أخفر مسلما يريد نقض العهد يقال خفرت الرجل إذا أمنته وأخفرته بالألف إذا نقضت عهده.
وقوله من والى قوما بغير إذن مواليه فإن ظاهره يوهم أنه شرط وليس معناه معنى الشرط حتى يجوز له أن يوالي غير مواليه إذا أذنوا له في ذلك وإنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه والتنبيه على بطلانه والإرشاد إلى السبب فيه وذلك أنه إذا استأذن أولياءه في موالاة غيرهم منعوه من ذلك، وإذا استبد به دونهم خفي أمره عليهم فربما ساغ له ما تعاطاه من ذلك فإذا تطاول الوقت وامتد به الزمان عرف من لاء من انتقل إليهم فيكون ذلك سببا لبطلان حق مواليه فهذا وجه ما ذكر من إذنهم.
قال أبو داود: حدثنا حامد بن يحيى حدثنا عبد الله بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي عن أبيه عن عروة بن الزبير قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من لية حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في طرف القرن