في ذلك شيئاً فقال نعم كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين لا ننزع خفافنا ثلاثةَ أيام ولياليهن إلاّ من جنابة لكن من غائط وبول ونوم. قلت هل سمعته يذكر الهوى، قال نعم بينما نحن في مسير إذ ناداه أعرابي بصوت له جَهوري يا محمد فأجابه على نحو ذلك هاؤم قلنا ويحك أوويلك اغضُض من صوتك فإنك قد نهيت عن ذلك. فقال والله لا أغضض من صوتي، قال أرأيتَ رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم قال المرء مع من أحب. قال ثم لم يزل يحدثنا حتى قال إن من قِبَل المغرب باباً للتوبة مسيرة أربعين سنة أو سبعين سنة فتحه الله للتوبة يوم خلق السموات والأرض فلا يغلقه حتى تطلع الشمس منه.
قوله إن الملائكة تضع أجنحتها فيه ثلاثة أوجه أحدها أن يكون معنى وضع الجناح من الملائكة بسط أجنحتها وفرشها لطالب العلم لتكون وطاءً له ومعونة إذا مشى في طلب العلم.
والوجه الثاني أن يكون ذلك بمعنى التواضع من الملائكة تعظيما لحقه وتوقيرا لعلمه فتضم أجنحتها له وتخفضها عن الطيران كقوله تعالى {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}[الإسراء: ٢٤] .
والوجه الثالث أن يكون وضع الجناح يراد به النزول عند مجالس العلم والذكر وترك الطيران كما روي أنه قال صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم يذكرون الله عز وجل إلاّ حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده.
قلت وهذه الكلمة لم يرفعها سفيان في هذه الرواية ورفعها حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن صفوان بن عسال وقد رواه أيضاً أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.