قلت الشارف المسنة من النوق، وقولها (ألا يا حمز للشرف النواء) فإن الشرف جمع الشارف والنواء السمان يقال نوت الناقة تنوي فهي ناوية وهي نواء قال الشاعر:
لطال ما جررتكن جرا ... حتى نوى الأعجف واستمرا
وتمام البيت:
ألا يا حمز للشرف النواء ... وهن معقلات بالفِناء
في أبيات تستدعيه فيها نحرهن وأن يطعم لحومهن أصحابه وأضيافه فهزته أريحية الشراب والسماع فكان منه ذلك الصنيع؛ والثمل السكران.
وقد احتج يهذا الحديث بعض من ذهب إلى إبطال طلاق السكران وزعم أن أقواله التي تكون منه في حال السكر لا حكم لها قال ولو كان يلزمه أقواله لكان حمزة حين خاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما خاطبه به من القول خارجا من الدين.
قلت وقد ذهب على هذا القائل أن هذا إنما كان من حمزة قبل تحريم الخمر لأن حمزة قتل يوم أحد وكان تحريم الخمر بعد غزوة أحد فكان معذورا في قوله غير مؤاخذ به وكان الحرج عنه زائلا إذ كان سببه الذي دعاه إليه مباحا كالنائم والمغمى عليه يجري على لسانه الطلاق والقذف فلا يؤاخذ بهما، فأما وقد حرمت الخمر حتى صار شاربها مؤاخذاً بشربها محدودا فيها فقد صار كذلك مؤاخذا بما يجري على لسانه من قول يلزمه به حكم كالطلاق والقذف وسائر جنايات اللسان، وقد أجمعت الصحابة على أن حد السكران حد المفتري قالوا وذلك لأنه إذا سكر هذى فإذا هذى افترى فألزموه حد المفتري.
وفي ذلك بيان أنهم جعلوه مؤاخذاً بأقواله معاقبا بجناياته وإنما توقفوا عن قتله إذا ارتد في حال السكر استيناء به ليتوب في صحوه في حال يعقل ما يقوله ويصح منه ما يعتقده من التوبة وهو لو ارتد صاحيا لاستتيب ولم يقتل في فوره