للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت يقال إن معادن القبلية من ناحية القُرُع. وقوله جلسيها يريد نجديها ويقال لنجد جَلْس. قال الأصمعي وكل مرتفع جلس، والغور ما انخفض من الأرض يريد أنه اقطعه وِهادها ورُباها.

قلت إنما يقطع الناس من بلاد العنوة ما لم يحزه ملك مسلم فإذا اقطع رجلاً بياض أرض فإنه يملكها بالعمارة والاحياء ويثبت ملكه عليها فلا تتزع من يده أبدا. فإذا اقطعه معدنا نظر فإن كان المعدن شيئا ظاهرا كالنفط والقير ونحوهما فإنه مردود لأن هذه الأشياء منافع حاصلة وللناس فيها مرفق وهي لمن سبق إليها ليس لأحد أن يتملكها فيستأثر بها على الناس، وإن كان لها معدن من معادن الذهب والفضة أو النحاس وسائر الجواهر المستكنة في الأرض المختلطة بالتربة والحجارة التي لا تستخرج إلاّ بمعاناة ومؤنة فإن العطية ماضية إلاّ أنه لا يملك رقبتها حتى يحظرها على غيره إذا عطلها وترك العمل فيها، إنما له أن يعمل فيها ما بدا له أن يعمل فإذا ترك العمل خلي بينه وبين الناس، وهذا كله على معاني الشافعي.

وفي قوله ولم يعطه حق مسلم دليل على أن من ملك أرضا مرة ثم عطلها أو غاب عنها فإنها لا تملك عليه باقطاع أو احياء وهي باقية على ملكه الأول.

قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن المتوكل العسقلاني المعنى واحد إن محمد بن يحيى بن قيس المازني حدثهم قال أخبرني أبي عن ثمامة بن شراحيل عن سُمي بن قيس عن شمير قال ابن المتوكل بن عبد المدان عن أبيض بن حمال أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي بمأرب فقطعه له فلما أن ولى قال رجل من المجلس: أتدري ما اقطعت له إنما اقطعت له الماء العِدّ قال فانتزع منه، قال وسأل عما يحمي من الأراك قال ما لم تنله اخفاف الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>