وسمعت ابن الأعرابي يقول ونحن نسمع منه هذا الكتاب فأشار إلى النسخة وهي بين يديه لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلاّ المصنف الذي فيه كتاب الله ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة.
قال أبو سليمان: وهذا كما قال لا شك فيه لأن الله تعالى أنزل كتابه تبياناً لكل شيء وقال {ما فرطنا في الكتاب من شيء}[الأنعام: ٣٨] فأخبر سبحانه أنه لم يغادر شيئا من أمر الدين لم يتضمن بيانه الكتاب إلاّ أن البيان على ضربين بيان جلي تناول الذكر نصا وبيان خفي اشتمل عليه معنى التلاوة ضمناً فما كان من هذا الضرب كان تفصيل بيانه موكولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معنى قوله سبحانه: {لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}[النحل: ٤٤] فمن جمع بين الكتاب والسنة فقد استوفى وجهي البيان، وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدما سبقه إليه ولا متأخرا لحقه فيه وقد كتبت لكم فيما أمليت من تفسيرها وأوضحته من وجوهها ومعانيها وذكر أقاويل العلماء واختلافهم فيها علما جما فكونوا به سعداء نفعنا الله تعالى وإياكم برحمته.