للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رؤوسهم دليل على أن ذلك أمركان يتواتر منهم وأنه قد كثر حتى صار كالعادة لهم وأنه لم يكن نادرا في بعض الأحوال وذلك يؤكد ما قلناه من أن عين النوم ليس بحدث.

وقوله تخفق رؤوسهم معناه تسقط أذقانهم على صدورهم وهذا لا يكون إلاّ عن نوم مثقل. قال ذو الرمة يذكر سرى الليل وغلبة النوم:

وخافق الرأس وسط الكور قلت له ...زع بالزمام وجوف الليل مركوم

قال أبو داود: حدثنا حيوة بن شريح في آخرين قالوا حدثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوط بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكاء السِّه العينان فمن نام فليتوضأ. السه اسم من أسماء الدبر والوكاء الرباط الذي يشد به القربة ونحوها من الأوعية وفي بعض الكلام الذي يجري مجرى الأمثال حفظ ما في الوعاء بشد الوكاء.

وفي هذا الحديث ما يؤيد ماقلناه من أن النوم عينه ليس بحدث وإنما ينتقض به الطهر إذا كان مع إمكان انحلال الوكاء غالبا فأما مع إمساكه بأن يكون واطدا بالأرض فلا.

ومن أهل العلم من يذهب إلى أن النوم قليله وكثيره حدث إلاّ أنه لا يسمى هذا النوع منه نوما مطلقا إنما يسميه نعاسا قال وذلك لأنه إذا وجد منه النوم عدم معه التماسك أصلا وأنشد فيه قول الشاعر:

وسنان أثقله النعاس فرنَّقت ... في عينه سنة وليس بنائم

وقال المفضل الضبي السنة في الرأس والنوم في القلب ويشهد لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: تنام عيناي ولا ينام قلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>