والصواب مدهما ونصب الألف منهما. وقوله ها إنما هو قول الرجل لصاحبه إذا ناوله الشيء هاك أي خذ فأسقطوا الكاف منه وعوضوه المد بدلا من الكاف يقال للواحد ها والاثنين ها وما بزيادة الميم وللجماعة هاؤم؛ قال الله تعالى {هاؤم اقرؤوا كتابيه}[الحاقة: ١٩] . وهذا قول الليث بن المظفر.
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي حدثنا بشر بن عمر، قال: حَدَّثنا همام عن قتادة، عَن أبي الخليل عن مسلم المكي، عَن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضة بالفضة تبرها وعينها والبر بالبر مدي بمدي والملح بالملح مدي بمدي فمن زاد أو ازداد فقد أربى ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا.
قال أبو داود ورواه ابن أبي عروبة وهشام الدستوائي عن قتادة عن مسلم بن يسار.
قال الشيخ قوله تبرها وعينها التبر قطع الذهب والفضة قبل أن تضرب وتطبع دراهم ودنانير واحدتها تبرة، ومن هذا قوله تعالى {إن هؤلاء متبَّر ماهم فيه وباطل ما كانوا يعملون}[الأعراف: ١٣٩] والله أعلم.
والعين المضروب من الدراهم والدنانير والمدي مكيال يعرف ببلاد الشام وبلاد مصر به يتعاملون وأحسبه خمسة عشر مكوكا والمكوك صاع ونصف وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع مثقال ذهب عين بمثقال وشيء من تبر غير مضروب وكذلك حرم التفاوت بين المضروب من الفضة وغير المضروب، وذلك معنى قوله تبرها وعينها أي كلاهما سواء، وهذا من باب معقول الفحوى