للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرخصة إنما تقع بعد الحظر وورود الخصوص على العموم لا ينكر في أصول الدين وسبيل الحديثين إذا اختلفا في الظاهر وأمكن التوفيق بينهما وترتيب أحدهما على الآخر أن لا يحملا على المنافاة ولا يضرب بعضها ببعض لكن يستعمل كل واحد منهما في موضعه وبهذا جرت قضية العلماء في كثير من الحديث ألا ترى أنه لما نهى حكيما عن بيع ما ليس عنده ثم أباح السلم كان السلم عند جماعة العلماء مباحا في محله وبيع ما ليس عند المرء محظورا في محله وذلك أن أحدهما وهو السلم من بيوع الصفات والاخر من بيوع الأعيان، وكذلك سبيل ما يختلف إذا أمكن النوفيق فيه لم يحمل على النسخ ولم يبطل العمل به وإنما جاء تحريم المزابنة فيما كان من التمر موضوعا على وجه الأرض وجاءت الرخصة في بيع العرايا فيما كان منها على رؤوس الشجر في مقدار معلوم منه بكمية لا يزاد عليها وذلك من أجل ضرورة أو مصلحة فليس أحدهما مناقضاً للآخر أو مبطلا له، وقد قال بهذه الجملة في معناها أكثرالفقهاء مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد، وامتنع من القول به أصحاب الرأي وذهبوا إلى جملة النهي الوارد في تحريم المزابنة وفسروا العرية تفسيرا لا يليق بمعنى الحديث وصورتها عندهم أن يعري الرجل من حائطه نخلات ثم يبدوله فيها فيبطلها ويعطيه مكانها تمرا فسمى هذا بيعا في التقدير على المجاز وحقيقة الهبة عندهم.

قال الشيخ والحديث إنما جاء بالرخصة في البيع كما ذكرناه عن زيد بن ثابت ويزيده بياناً حديث سهل بن أبي حثمة ذكره أبو داود في هذا الباب.

، قال: حَدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حَدَّثنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد

<<  <  ج: ص:  >  >>