فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين علمتم أنها رقية أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم.
قال الشيخ وفي هذا بيان جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ولو كان ذلك حراماً لأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم برد القطيع، فلما صوب فعلهم وقال لهم أحسنتم ورضي الأجرة التي أخذوها لنفسه فقال اضربوا لي معكم بسهم ثبت أنه طِلْق مباح وأن المذهب الذي ذهب إليه من جمع بين أخبار الإباحة والكراهة في جواز أخذ الأجرة على ما لا يتعين الفرض فيه على معلمه ونفى جوازه على ما يتعين فيه التعليم مذهب سديد وهو قول أبي سعيد الأصطخري.
وفي الحديث دليل على جواز بيع المصاحف وأخذ الأجرة على كتبها، وفيه إباحة الرقية بذكر الله في أسمائه، وفيه إباحة أجر الطبيب والمعالج وذلك أن القراءة والرقية والنفث فعل من الأفعال المباحة، وقد أباح له أخذ الأجرة عليها فكذلك ما يفعله الطبيب من قول ووصف وعلاج فعل لا فرق بينهما.
وقد تكلم الناس في جواز بيع المصاحف فكرهت طائفة بيعها، روي عن ابن عمر أنه كان يقول وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف وكره بيعها شريح وابن سيرين ورخص في شرائها روي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير.
وقال أحمد بن حنبل الأمر في شرائها أهون، قال وما أعلم في البيع رخصة. ورخص أكثر الفقهاء في بيعها وشرائها وهو قول الحسن والشعبي وعكرمة والحكم وسفيان الثوري وأصحاب الرأي والنخعي وكرهت، وإليه ذهب مالك والشافعي.
وقوله فشفوا له بكل شيء، معناه عالجوه بكل شىء مما يستشفى به والعرب تضع الشفاء موضع العلاج قال الشاعر:
جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف حجر إن هما شفياني