أنفسهم، والخبر الخاص إنما يروى في الحكم الخاص، وثبت أن المتبايعين هما المتعاقدان والبيع من الأسماء المشتقة من أفعال الفاعلين وهي لا تقع حقيقة إلاّ بعد حصول الفعل منهم، كقولك زان وسارق وإذا كان كذلك فقد صح أن المتبايعين هما المتعاقدان، وإذا كان كذلك فليس بعد العقد تفرق إلاّ التمييز بالأبدان.
ويشهد لصحة هذا الباب قول إلاّ بيع الخيار ومعناه أن تخيره قبل التفرق وهما بعدُ في المجلس فيقول له اختر. وبيان ذلك في رواية أيوب عن نافع وهو قوله إلاّ أن يقول لصاحبه اختر.
وقد تأول بعضهم إلاّ بيع الخيار على معنى خيار الشرط، وهذا تأويل فاسد وذلك أن الاستثناء من الاثبات نفي ومن النفي إثبات، والأول إثبات الخيار فلا يجوز أن يكون ما استثني منه أيضاً إثباتاً مثله، على أن قوله إلاّ أن يقول أحدهما لصاحبه اختر يقيد ما قاله هذا القائل ويهدمه.
واحتج بعض من ذهب إلى أن التفرق هو تفرق البدن بأن المتبايعين إنما يجتمعان بالإيجاب والقبول لأنهما كانا قبل ذلك متفرقين فلا يجوز أن يحصلا مفترقين بنفس الشيء الذي به وقع اجتماعهما عليه.
وأما مالك فإن أكثر شيء سمعت أصحابه يحتجون به في رد الحديث هو أنه قال ليس العمل عليه عندنا وليس للتفرق حد محدود يعلم.
قال الشيخ وليس هذا بحجة، أما قوله ليس العمل عليه عندنا فإنما هو كأنه قال أنا أرد هذا الحديث ولا أعمل به فيقال له الحديث حجة فلم رددته ولِمَ لم تعمل به وقد قال الشافعي رحم الله مالكاً لست أدري من اتهم في إسناد