قال الشيخ نهيه عن ثمن الكلب يدل على فساد بيعه لأن العقد إذا صح كان دفع الثمن واجباً مأموراً به لا منهياً عنه فدل نهيه عنه على سقوط وجوبه وإذا بطل الثمن بطل البيع لأن البيع إنما هوعقد على شيء بثمن معلوم، وإذا بطل الثمن بطل المثمن، وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فحملوها وباعوها وأكلوا أثمانها فجعل حكم الثمن والمثمن في التحريم سواء.
قال أبو داود: حدثنا أبو توبة، قال: حَدَّثنا أبو عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن قيس بن حبتر عن عبد الله بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب فإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً.
قال الشيخ وهذا يؤكد معنى ما قلناه في الحديث الأول، ومعنى التراب ههنا الحرمان والخيبة كما يقال ليس في كفه إلاّ التراب، وكقوله صلى الله عليه وسلم وللعاهر الحجر يريد الخيبة إذ لاحظ له في الولد، وكان بعض السلف يذهب إلى استعمال الحديث على ظاهره ويرى أن يوضع التراب في كفه، وروي أن المقداد رأى رجلا يمدح رجلا فقام يحشي التراب بكفه في وجهه، وقال بهذا أمرنا، يَعني قوله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب.
وفي قوله إذا جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً دليل على أن لا قيمة للكب إذا تلف ولا يجب فيه عوض، وقال مالك بن أنس فيه القيمة ولا ثمن له.
قال الشيخ الثمن ثمنان ثمن التراضي عن البيوع وثمن التعديل عند الاتلاف وقد أسقطهما النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فاملأ كفه تراباً فثبت أن لا عوض له بوجه من الوجوه.