المشتري ثانيا، وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري.
وممن قال أنه لا يجوز بيعه بالكيل الأول حتى يكال ثانيا أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وهو مذهب الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي، وقال مالك إذا باعه نسيئة فهو المكروه فأما إذا باعه نقداً فلا بأس أن يبيعه بالكيل الأول، وروي عن عطاء أنه أجاز بيعه نساء كان أو نقداً.
قال أبو داود: حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: حَدَّثنا وكيع عن سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يكتاله، زاد أبو بكر قلت لابن عباس لم قال ألا ترى أنهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجى.
قال الشيخ قوله والطعام مُرجى أي مؤجل وكل شيء أخرته فقد أرجيته يقال أرجيت الشيء ورجيته أي أخرته؛ وقد يتكلم به مهموزاً وغير مهموز وليس هذا من باب الطعام الحاضر ولكنه من باب السلف وذلك مثل أن يشتري منه طعاماً بدينار إلى أجل فيبيعه قبل أن يقبضه منه بدينارين وهو غير جائز لأنه في التقدير بيع ذهب بذهب والطعام مؤجل غائب غير حاضر وإنما صار ذلك بيع ذهب بذهب على معناه لأن المسلف إذا باعه الطعام الذي لم يقبضه وأخذ منه ذهبا فإن البيع لا يصح فيه إذ كان الطعام الذي باعه منه مرجى مضموناً على غيره وإنما تقايل الذهبان في التقدير فكأنه إنما باعه ديناره الذي كان قد أسلفه في الطعام بدينارين وهو فاسد من وجهين أحدهما