منه أي وعده له بالركوب والعقد إذا تجرد عن الشروط لم يضره ما يعقبه بعد ذلك من هذه الأمور، ويشبه أن يكون إنما رواه من رواه بلفظ الشرط لأنه إذا وعده الافقار والإعارة كان ذلك منه أمراً لا يشك الوفاء فيه فحل محل الشروط المذكورة والأمور الواجبة التي لا خلف فيها فعبر عنه بالشرط على هذا المعنى. على أن قصة جابر إذا تأملتها علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستوف فيها أحكام البيوع من القبض والتسليم وغيرهما، وإنما أراد أن ينفعه ويهب له فاتخذ بيع الجمل ذريعة إلى ذلك ومن أجل ذلك جرى الأمر فيها على المساهلة ألا ترى أنه قد دفع إليه الثمن الذي سماه ورد إليه الجمل يدل على صحة ذلك؛ قوله أتراني إنما ماكستك لأخذ جملك.
وقد اختلف الناس فيمن اشترى دابة فاشترط فيها حملاناً للبائع، فقال أصحاب الرأي البيع باطل، وإليه ذهب الشافعي، وقال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه البيع جائز والشرط ثابت على ظاهر حديث جابر بن عبد الله.
وفرق مالك بن أنس بين المكان القريب والبعيد فقال إن اشترط مكاناً قريبا فهو جائز وإن كان بعيداً فهو مكروه، وكذلك قال فيمن باع داراً على أن له سكناها مدة، فقال إن كان ذلك نحو الشهر والشهرين جاز، وإن كان المدة الطويلة لم يجز.
قال الشيخ وقد بقي في هذا الباب قسم ثالث من الشروط وهو بيع الرقبة بشرط العتق، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال إبراهيم النخعي كل شرط في بيع فإن البيع يهدمه إلا أن يكون عتاقة، وإلى هذا ذهب الشافعي في أظهر قوليه وهو مذهبه الجديد فقال إذا باع الرجل النسمة واشترط على المشتري