وأما قوله فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة فقد يحتج بكل لفظة منها قوم، أن اللفظة الأولى ففيها حجة لمن لم ير الشفعة في المقسوم، وأما اللفظة الأخرى فقد يحتج بها من يثبت الشفعة بالطريق وإن كان المبيع مقسوماً.
قال الشيخ ولا حجة لهم عندي في ذلك وإنما هو الطريق إلى المشاع دون المقسوم وذلك أن الطريق يكون في المشاع شائعاً بين الشركاء قبل القسمة وكل واحد منهم يدخل من حيث شاء ويتوصل إلى حقه من الجهات كلها، فإذا قسم العقار بينهم منع كل واحد منهم أن يتطرق شيئاً من حق صاحبه وأن يدخل إلى ملكه إلاّ من حيث جعل له فمعنى صرف الطرق هو هذا والله أعلم.
ثم إنه علق الحكم فيه بمعنيين أحدهما وقوع الحدود وصرف الطرق معاً فليس لهم أن يثبتوه بأحدهما وهو نفي صرف الطرق دون نفي وقوع الحدود.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، قال: حَدَّثنا الحسن بن الربيع، قال: حَدَّثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن ابن شهاب، عَن أبي سلمة أو عن سعيد بن المسيب أو عنهما جميعاً، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قسمت الأرض وحدت فلا شفعة فيها.
قال الشيخ وفي هذا بيان أن الشفعة تبطل بنفس القسمة والتمييز بين الحصص بوقوع الحدود ويشبه أن يكون المعنى الموجب للشفعة دفع الضرر بسوء المشاركة والدخول في ملك الشريك، وهذا المعنى يرتفع بالقسمة وأملاك