العقد بدليل أنه لو كان عبداً فأعتقته أو باعته كان العتق نافذاً والبيع جائزاً ثم أنه إذا طلقها الزوج قبل الدخول انتقض الملك عليها في نصفه.
وقد يختلف المتبايعان في الثمن بعد العقد فيتحالفان ويعود الملك إلى البائع وقد يؤجر داره سنة بأجرة معلومة فتهدم الدار فيرد المؤاجر الأجرة ويكاتب عبده ثم يعجز فيبطل العقد ويعود ملكاً يتصرف فيه كما كان، وقد يقدم المرتهن بما في يده من الرهن على سائر الغرماء فيكون أحق به ولم يستنكر شيء من هذه الأمور ولم يعبأ بمخالفتها سائر الأصول، وكذلك الحكم في المفلس. وقد قال الكوفيون لو وهب عبداً له على عوض فأفلس المرتهن فإن رب الهبة أحق بعين ماله، والموهوب منه المال مالك عندهم ملكاً تاماً، ولكن لأجل تعلقه بالعوض ينفق عليه ملكه، وهذا بعينه هو حكم الإفلاس على معنى ما ورد به الخبر. وكذلك قالوا في المحال عليه إذا أفلس رجع المحتال على المحيل.
وأما تأويل من تأول الحديث وخرجه على الودائع ونحوها فإنه غير مستقيم لأن ذلك يعطل فائدة الخبر إذ كان ذلك أمراً معلوماً من طريق العلم العام من جهة الإجماع، والخبر الخاص إنما يرد لبيان حكم خاص، وأبو هريرة راوي الحديث قد تأوله على البيع الصحيح لما جاءه خصمان، فقال هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فدل على صحة ما ذهبنا إليه والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب، عَن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء.