وفي قوله على خطبة أخيه دليل على أن ذلك إنما نهي عنه إذا كان الخاطب الأول مسلماً ولا يضيق ذلك إذا كان الخاطب الأول يهودياً أو نصرانياً لقطع الله الأخوة بين المسلمين وبين الكفار.
وقال الشافعي إنما نهي عن ذلك في حال دون حال وهو أن تأذن المخطوبة في إنكاح رجل بعينه فلا يحل لأحد أن يخطبها في تلك الحالة حتى يأذن الخاطب له واحتج بحديث فاطمة بنت قيس. حدثناه الأصم حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان، عَن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عدتها من طلاق زوجها إذا حللت فآذنيني، قالت فلما حللت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه على عاتقه أنكحي أسامة، قالت ففعلت فاغتبطت به.
قال الشيخ فخطبته إياها لأسامة على خطبة معاوية وأبي جهم تدل على جواز ذلك إن لم يكن وقع الركون منها إلى الخاطب الأول أو الإذن منها فيه.
وفي هذا الحديث أنواع من الفقه منها جواز التعريض للمرأة بالخطبة في عدتها وفيه أن المال معتبر في بعض أنواع المكافأة. وفيه دليل على جواز نكاح المولى القرشية. وفيه دليل على جواز تأديب الرجل امرأته.
وفيه دليل على أن المستشار إذا ذكر الخاطب عند المخطوبة ببعض ما فيه من العيوب على وجه النصيحة لها والإرشاد إلى ما فيه حظها لم يكن ذلك غيبة يأثم فيها.
وقوله لا يضع عصاه عن عاتقه يتأول على وجهين أحدهما التأديب والضرب لها والآخر أن يكون معناه الأسفار والظعن عن وطنه، يقال رفع الرجل عصاه