وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وهو قول أصحاب الرأي.
وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه إنكاح الأب البكر البالغ جائز وإن لم تستأذن، ومعنى استئذانها عندهم إنما هو على استطابة النفس دون الوجوب كما جاء الحديث باستئمار أمهاتهن وليس ذلك بشرط في صحة العقد.
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حَدَّثنا حماد (ح) وحدثنا أبو كامل حدثنا يزيد بن زريع المعنى قال حدثني محمد بن عمرو، قال: حَدَّثنا أبو سلمة، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها.
قال الشيخ فيه دليل على أن الصغيرة لا يزوجها غير الأب وذلك لأنها لا تستأمر إلاّ بعد البلوغ إذ لا معنى لإذنها ولا عبرة لإبائها قبل ذلك فثبت أنها لا تزوج حتى تبلغ الوقت الذي يصح منها الإذن أو الامتناع، واليتيمة ههنا هي البكر البالغ التي مات أبوها قبل بلوغها فلزمها اسم اليتم فدعيت به وهي بالغ، والعرب ربما ادعت الشيء بالاسم الأول الذي إنما سمي به لمعنى متقدم ثم ينقطع ذلك المعنى ولا يزول الاسم من ذلك أنهم يسمون الرجل المستجمع السن غلاماً وحد الغلومة ما بين أيام الصبى إلى أوقات الشباب.
وقد روي عن ابن عباس أنه قال كان الغلام الذي قتله الخضر رجلاً مستجمع السن وقالت ليلى الأخيلية:
إذا ورد الحجاج أرضاً مريضة ... تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العقام الذي بها ... غلام إذا هز القناة سقاها