أتقطعه من أجل ثلاثين درهماً أنا أبيعه وأنسئه ثمنها، قال فهلا كان هذا من قبل أن تأتيني به.
قلت في هذا دليل على أن الحرز معتبر في الأشياء حسب ما تعارفه الناس في حرز مثلها وذلك أن النائم في المسجد الذي ينتابه الناس ولا يحجب عن دخوله أحد لا يقدر من الاحتراز والتحفظ في ثوبه على أكثر من أن يبسطه فينام عليه أو يتوسده فيضع رأسه عليه أو يشد طرفاً منه في طرف يديه إلى نحو ذلك من الأمور فإذا اغتاله مغتال فذهب به كان سارقاً له من حرز يجب عليه ما يجب على سارق الأموال من الخزائن المستوثق منها بالاغلاق والاقفال، وفي معناه من وضع نفقته في كمه فطرّه إنسان فإنه سارق يقطع يده كما لو أخذها من صندوق أو خزانة وكذلك
هذا فيمن وضع ثوبه بين يديه واستنقع في ماء فأخذه آخذ على وجه السرقة ويدخل في ذلك من أخرج متاعاً من جوالق أو حل بعيراً من قطار أو أخذ متاعاً من فسطاط مضروب أو من خيمة ضربها صاحبها فنام فيها أو على بابها فهذا كله حرز وإنما ينظر في هذا الباب إلى سيرة الناس وعاداتهم في إحراز أنواع الأموال على اختلاف أماكنها فكل ما كان مأخوذاً من حرز مثله وكان مبلغه ما يجب فيه القطع وجب قطع يد سارقه.
واحتج من رأى أن المتاع المسروق لا قطع فيه إذا ملكه السارق قبل أن يرفع إلى الإمام بقوله فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به، قالوا فقد دل هذا على أنه لو وهبه منه أو أبرأه من ذلك قبل أن يرفعه إلى الإمام سقط عنه القطع. واختلف الفقهاء في هذا فقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل لا يسقط عنه القطع وإن وهب منه المتاع أو باعه منه أو أبرأه.