واحتج الشافعي في ذلك بحديث أبي هريرة في الرجل الذي استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابنه الذي زنى بامرأة الرجل، فقال له على ابنك جلد مائة وتغريب عام وعلى المرأة الرجم واغد يا أنيس على المرأة فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها.
قال فهذا الحديث آخر الأمرين لأن أبا هريرة قد رواه وهو متأخر الإسلام ولم يعرض للجلد بذكر، وإنما هو الرجم فقط وكان فعله ناسخاً لقوله الأول.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن هشام بن سعد أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال، قال كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج فأتاه فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه، فعاد فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله حتى قالها أربع مرات، قال صلى الله عليه وسلم إنك قد قلتها أربع مرات فبمن، قال بفلانة، قال هل ضاجعتها، قال نعم، قال هل جامعتها قال نعم، قال فأمر به فأخرج إلى الحرة، فلما رجم فوجد مس الحجارة فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرذلك له فقال هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه.
قلت اختلف أهل العلم في هذه الأقارير المكررة منه هل كانت شرطاً في صحة الأقارير بالزنى حتى لا يجب الحكم إلاّ بها، أم كانت زيادة في التبين والاستثبات لشبهة عرضت في أمره.