للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت وفي هذا التصريح بذكر النكاح وظاهره العقد وقد تأوله بعضهم على الوطء بلا عقد، وهذا تأويل فاسد ويدل على ذلك ما حدثنا أحمد بن هشام الحضرمي حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي حدثنا حفص بن غياث عن أشعث بن سواد عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال مر بي خالى ومعه لواء فقلت أين تذهب فقال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه آتيه برأسه.

قلت فهذا جاء بلفظ التزويج كما ترى. ومن ادعى أن هذا النكاح شبهة فسقط من أجلها الحد فقد أبعد لأن الشبهة إنما تكون في أمر يشبه الحلال من بعض الوجوه وذوات المحارم لا تحل بوجه من الوجوه ولا في حال من الأحوال، وإنما هو زنا محض وإن لقب بالنكاح كمن استأجر أمة فزنى بها فهو زنا وإن لقب باسم الاجارة ولم يكن ذلك مسقطاً عنه الحد وإن كانت المنافع قد تستباح بالإجارات.

وزعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بقتله لاستحلال نكاح امرأة أبيه، وكان ذلك مذهب أهل الجاهلية كان الرجل منهم يرى أنه أولى بامرأة أبيه من الأجنبي فيرثها كما يرث ماله وفاعل هذا على الاستباحة له مرتد عن الدين فكان هذا جزاؤه القتل لردته.

قلت وهذا تأويل فاسد ولو جاز أن يتأول ذلك في قتله لجاز أن يتأول مثله في رجم من رجمه صلى الله عليه وسلم من الزناة فيقال إنما قتله بالرجم لاستحلال الزنا وقد كان أهل الجاهلية يستحلون الزنا فلا يجب على من زنى الرجم حتى يعتقد هذا الرأي وهذا ما لا خفاء بفساده وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بقتله لزناه ولتخطيه الحرمة في أمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>