للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الداودي من المالكية (١): إن الأفضلَ الكفافُ؛ فإن الفقر والغنى محنتان يَمتحن اللَّهُ -تعالى- بهما مَنْ يشاءُ من عبادِهِ، ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا"، أو قال: "قُوتًا" (٢)، هذا أو معناه.

ووقفت طائفةٌ عن التفضيل بينهما.

فهذه أقوال أربعة للعلماء -رحمهم اللَّه تعالى-.

ق: والذي يقتضيه الأصل: أنهما إن تساويا، وحصل الرجحان بالعبادات المالية: أن يكون الغنيُّ أفضلَ، ولا شك في ذلك، وإنما النظرُ إذا (٣) تساويا في أداء الواجب فقط، وانفرد كلُّ واحدٍ بمصلحة ما هو فيه، فإذا كانت المصالح متقابلة، ففي ذلك نظر يرجع إلى تفسير الأفضل ما هو؟ فإن فسرناه بزيادة الثواب، فالقياس يقتضي أن المصالح المتعدية أفضلُ من القاصرة، وإن كان الأفضل بمعنى الأشرف بالنسبة إلى صفات النفس، فالذي يحصُل للنفس من التطهيرِ للأخلاق، والرياضةِ لسوء الطباع بسبب الفقر، أشرفُ، فيترجَّحُ الفقر، ولهذا المعنى ذهب الجمهورُ من الصوفية إلى ترجيح الفقير


(١) "من المالكية" ليس في "ت".
(٢) رواه البخاري (٦٠٩٥)، كتاب: الرقاق، باب: كيف كان عيش النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه وتخليهم من الدنيا، ومسلم (١٠٥٥)، كتاب: الزكاة، باب: في الكفاف والقناعة، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٣) في "ت": "إن".

<<  <  ج: ص:  >  >>