للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: ١٣٠] , وقالت العرب: شابَتْ مَفارِقُه، وليس له إلا مفرقٌ واحد، فكأنهم سموا كلَّ موضعٍ من المفرق مفرقًا، وقالوا أيضًا: جملٌ ذو عَثانين، وليس له إلا عُثنون واحد، والعُثْنونُ: شعيراتٌ طِوالٌ تحت حَنَك البعير، ونحو ذلك كثير، هذا إذا جعلنا (مَنْ) واقعةً (١) على مفرد، فإن (٢) جعلناها واقعةً على جمع، فلا إشكالَ، ومثلُه شقُّ الجيوب، وهو قطعُها وإفسادُها بالقطع في غير محله، فحرم على ذلك (٣)؛ لما فيه من إظهار السخط، وعدم إظهار الرضا بالقضاء، مع ما في شق الجيوب من إضاعة المال.

الرابع: المراد بدعوى الجاهلية: الندبُ، والنياحةُ، وهو ذكرُ صفات الميت؛ فإنهم كانوا ينوحون على الميت، ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم، وتلك المحاسن عندهم قبائحُ في الشرع، فيقولون مثلًا: واكهفاه! واسيداه! واسنداه! واجبلاه! وامُرْمِلَ النسوان! وموتمَ الوِلدان! ومخرب العمران! هذا ونحوه مما يرونه شجاعةً؛ فإنْ رُفِع الصوت بذلك، وعُدِّد، فهو نياحة، وإلا، فهو ندبٌ (٤).

وجاء في الحديث الآخر صريحًا: "النِّيَاحَةُ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ" (٥)،


(١) في "ت": "أوقعه".
(٢) في "ق": "وإن".
(٣) "على": ليست "ق".
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٦/ ٢٢٩).
(٥) رواه مسلم (٩٣٤)، كتاب: الجنائز، باب: التشديد في النياحة، من حديث أبي مالك الأشعري -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>