للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجاء: "لَعَنَ اللَّهُ النَّائِحَةَ وَالمُسْتَمِعَةَ" رواه أبو داود (١).

ولتعلمْ: أن جمهورَ العلماء على تحريم النياحة.

وذهب بعضُ أصحابنا؛ أخذًا من حديث أم عطية: إلى أن النهي عن النياحة ليس بنهي عزم وفرض؛ إنما هو نهيُ حض وندب، واستدل بقول أم عطية للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إلا آلَ فلان؛ فإنهم كانوا أَسعدوني في الجاهلية، فلا بد أن أُسعدهم، فقال: "إِلَّا آلَ فُلَانٍ" (٢)، وبقضية نساءِ جعفرٍ، وسكوتِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنهنَّ آخرًا، وبأحاديثَ كثيرةٍ جاءت في ذلك، ولم يجعل فيها نسخًا، فأما إن انضاف إلى النياحة فعلٌ آخر من أفعال الجاهلية؛ من شَقِّ الجيوب، وخَمْش الخدود، أو ما كانت تُضيفه من فعل المصائب إلى الدهر، وهو دعواها، فلا خلافَ في تحريم ذلك كله؛ أعني: النياحة، وما ذُكر معها من هذه الأفعال القبيحة.

وقد أُجيب عن حديث أم عطية بوجوه:

فقيل: الحديث مبتور (٣)، نقص منه: فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا إِسْعَادَ في الإِسْلَامِ"، وذكر هذه الزيادة النسائيُّ في حديث بمعناه، وليس فيه: "فقالَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَّا آلَ فلانٍ"، ولم يذكر فيه أم عطية (٤)، فيكون


(١) رواه أبو داود (٣١٢٨)، كتاب: الجنائز، باب: في النوح، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-. وإسناده ضعيف. انظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (٢/ ١٣٩).
(٢) رواه مسلم (٩٣٦)، كتاب: الجنائز، باب: التشديد في النياحة.
(٣) "مبتور": بياض في "ت".
(٤) رواه النسائي (١٨٥٢)، كتاب: الجنائز، باب: النياحة على الميت، =

<<  <  ج: ص:  >  >>