للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فاقدُروا له": جمهور العلماء على أن "اقدروا له" بمعنى: أكملوا العددَ ثلاثين، وجاء ذلك مصرَّحًا به في الرواية الأخرى: "فَأَكْمِلُوا العَدَدَ ثَلَاثِينَ" (١)، وذهب مُطَرِّفُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ الشِّخِّير إلى أن معنى "اقدروا له": احسبوا له بحساب المنجِّمين، قال ابن سيرين: وليته لم يقل ذلك، وإن كان من كبار التابعين، بل من المخضرمين، واستدل مطرف بقوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦]، ورد: بأن المرادَ (٢): الاهتداء في طريق البحر والبر، وقالوا أيضًا: لو كان التكليف يتوقف على حساب التنجيم؛ لضاق الأمر فيه؛ إذ لا يعرف ذلك إلا القليلُ من الناس، والشرعُ مبني على ما يعلمه الجماهير، وأيضًا: فإن الأقاليم على رأيهم مختلفة، ويصح أن يُرى في إقليم دون إقليم، فيؤدي ذلك إلى اختلاف الصوم عندَ أهلها، مع كون الصائمين منهم لا يعدلون غالبًا (٣) على طريق مقطوع به، ولا يلزم قومًا ما ثبت عند قوم على تفصيل يأتي.

وأيضًا: لو كان حساب المنجمين معتبرًا في ذلك، لبينه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للناس (٤) كما بين لهم أوقات الصلوات وغيرها، واللَّه أعلم.

وحكى ابنُ سريج عن الشافعي مثلَ قولِ مطرِّفٍ، والمعروف من


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٢٨٧)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه-.
(٢) في "ت": "والمراد أن" بدل "ورد بأن المراد".
(٣) "غالبًا" ليس في "ت".
(٤) "للناس" ليس في "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>