للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السادس: قوله -عليه الصلاة والسلام-: "ولا يُنَفَّرُ صيدُه": هو -أيضًا- من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأن معنى "لا يُنفر صيده": لا يُزعج من مكانه، فأن لا يُقتل أولى؛ إذ المراد بالصيد هنا: المَصِيدُ.

مسألة: مذهبُ مالكٍ رحمه اللَّه: أن صيدَ الحلالِ في الحرم

يوجِبُ عليه الجزاءَ؛ خلافًا لداود.

وحجةُ مالك رحمه اللَّه قولُه تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥]، ويعبر عَمَّنْ حَلَّ بالحرم أنه مُحْرِم؛ كما يُقَالُ: مُنْجِد فيمن حَلَّ بنجد، وبتهامةَ: مُتْهِم، ومنه قول الشاعر: [الكامل]

قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... وَدَعَا فَلَمْ يُرَ مِثْلُهُ مَخْذُولَا

يعني: ساكنًا بالحرم.

قيل: ولأن حرمة الحرم متأبدةٌ، والإحرام مؤقتٌ، فكان المؤبَّدُ آكَدَ.

واختُلف -أيضًا- في الحلال إذا صادَ صيدًا في الحِلِّ، ثم أتى به الحرَمَ، فاراد ذَبْحَه به، فأجاز ذلك مالكٌ، ومنعه أبو حنيفةَ، وقال: يرسلُه، وقولُ مالك أظهرُ؛ لأن ما كان في اليد وتحتَ القهر لا يُسمى صيدًا، فلم يكن داخلًا في قوله: "لا يُنَفَّرُ صَيْدُه".

قال المازري: واختلف مالكٌ وأبو حنيفةَ فيمن صادَ في الحرم، هل يدخل في جزائه الصيامُ؟ فأثبته مالك، ونفاه أبو حنيفة، ولمالكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>