فالأول: نحو أن يدعي أحد الخصمين حكما شرعيا في مسألة، ويدعي الآخر البقاء على حكم العقل؛ مثل: أن يسأل المالكي أو الشافعي عن وجوب الوتر، فيقول: الأصل براءة الذمة، وطريق شغلها الشرع، فمن ادعى شرعا يوجب ذلك، فعليه الدليل، وهذه طريقة صحيحة في الاستدلال.
وأما الثاني: وهو استصحاب حال الإجماع، فمثل استدلال داود على أن أم الولد يجوز بيعها، فإنا (١) قد أجمعنا على جواز بيعها قبل الحمل، فمن ادعى المنع من ذلك بعد الحمل، فعليه الدليل.
قالوا: وهذا غير صحيح من الاستدلال؛ لأن الإجماع لا يتناول موضع الخلاف، وإنما يتناول موضع الاتفاق، وما كان حجة، فلا يصح الاحتجاج به في الموضع الذي لا يوجد فيه؛ كألفاظ صاحب الشرع إذا تناولت موضعا خاصا، لا يجوز الاحتجاج بها في الموضع الذي لا تتناوله.
وهذه القاعدة قيل: إن العلماء اتفقوا على العمل بها، وإن كانوا قد اختلفوا في كيفية استعمالها.
فالشافعي رضي الله عنه أعمل الأصل السابق، وهو الطهارة في مثل هذه