الثاني: قولها: «غسل يديه»: يعني: قبل إدخالهما في الإناء، على ما تقرر، ولا خلاف في مشروعية ذلك، وإنما الخلاف بيننا وبين أهل الظاهر في وجوبه، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوعبا في حديث:«إذا استيقظ أحدكم من نومه» بما يغني عن الإعادة.
الثالث: قولها: «وتوضأ وضوءه للصلاة»: فيه: استحباب تقديم أعضاء الوضوء في الغسل؛ كما هو المعروف من مذاهب العلماء.
ق: ما معناه: أنه ينبغي أن يقع البحث في هذا الغسل لأعضاء الوضوء، هل هو وضوء حقيقة، فيكتفى به عن غسل هذه الأعضاء للجنابة؟ فإن موجب الطهارتين بالنسبة إلى هذه الأعضاء واحد، أو يقال: إن غسل هذه الأعضاء إنما هوعن الجنابة، وإنما قدمت على بقية الجسد؛ تكريما لها، وتشريفًا، ويسقط غسلها عن الوضوء باندراج الطهارة الصغرى تحت الكبرى.
وقد يقول قائل: قولها: «وضوءه للصلاة» مصدر مشبه، تقديره: وضوءًا مثل وضوء الصلاة، فيلزم لأجل ذلك أن تكون هذه الأعضاء مغسولة عن الجنابة؛ لأنها لو كانت مغسولة للوضوء حقيقة، لكان قد توضأ عين الوضوء للصلاة، فلا يصح التشبيه؛ لأن التشبيه يقتضي تغاير المشبه والمشبه به، فإذا جعلناها مغسولة للجنابة، صح التغاير، وكان التشبيه في الصورة الظاهرة.
وجوابه بعد تسليم كونه مصدرا مشبها من وجهين: أحدهما: أن يكون شبه الوضوء الواقع في ابتداء غسل الجنابة