(ما) كافة، فتكونُ داخِلَةً على (إن)، و (ما) الكافة إذا دخلتْ عَلَى (إن) تفيدُ الحَصْرَ، يعني: ما اتخذتُمُ الأوثانَ إلَّا لأجلِ الموَدَّةِ بينكم؛ هذا ما قاله المُفَسِّر.
وقيل: إنَّ (ما) اسمٌ موصولٌ -على قراءةِ الرَّفع- وإن العائدَ محذوفٌ، والتقدير: إن الذي اتَّخَذتُموه مِنْ دونِ اللَّهِ أوثانًا مودَّةُ بينكم، وعلى هذا التقْدِيرِ يكونُ مفعول (اتخذ) الأَوَّلَ محْذوفًا ومفعولها الثاني: أوْثَانًا، وعلى هذا فنقولُ:
(إن): أداةُ توكيدٌ تَنْصِبُ الاسمَ وترفعُ الخبرَ.
و(ما): اسمْهُا بمعنى الذي، و {اتَّخَذْتُمْ}: صلِةُ الموصُولِ، والعائدُ محذوفٌ، والتقديرُ: اتَّخذتمُوه، و {أَوْثَانًا} مفعولٌ ثان لـ (اتَّخذ)؛ لأن (اتخذ) تَنصبُ مفعولَينِ، كما في قوله تعالى:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء: ١٢٥].
وهذا التقديرُ الذي ذَكرْنَاه يُصلُح حتى على قِراءةِ النَّصْبِ: إن الذي اتَّخذْتمُوه أوثَانًا لأجلِ المودَّةِ بينكم لا ينفعكم، فيكون الخبرُ على قِراءةِ النَّصْبِ مَحذوفًا، والتقدير: لا ينْفَعُكُمْ.
وعلى القول بأن (ما) مَصدَرِيَّة أو كافَّة، نقول: إن المفعولَ الثاني أيضًا محذوف، والتقدير: آلهةً؛ كقوله تعالى:{قُرْبَانًا آلِهَةً} والمعنى: اتخذْتُم هذه الأوثانَ آلهةً موَدَّة بينكم.
قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[المعْنَى: تَوادَدْتُمْ على عِبادَتهمْ]؛ لأنَّ أهلَ الشرِّ -والعياذ باللَّه- يتوادُّونَ على فِعلِ الشَّرِّ، كما أن أهلَ الخيير يتَنَاصَرُونَ أيضًا على فِعلِ الخيرِ، يعني: إن الذي اتخذْتمُوه أوثَانًا لا يجمَعُكم عليه إلا المودَّة.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ:{مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} يجوزُ في كَلِمَةِ (بينَ) أن يضافَ إليها ما قَبْلهَا،