للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويلْعَنُ الأتْباعُ القادَّةَ، وكذلك يَلْعنُ بعْضُهم بَعْضًا.

قوله: [{وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ}، مَصِيرُكم جَمِيعًا]: فالمأْوَى بمَعْنى المصْير؛ لأنه مِنْ أَوْى يَأْوِي إذا صارَ إلى الشيءِ واتَّجَه إليه.

قوله: {وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} هذه النَّارُ قد أعدَّهَا اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للكافرين، وهي الآنَ موجودةٌ، ورآهَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةَ أُسرِيَ به، وهي نارٌ لا يستطيعُ الإنسانُ أن يُدرِكَ في الدنيا ما فيها مِن العَذابِ، فإنها فُضِّلِتْ على نارِ الدُّنيا بتِسع وستِّينَ جُزءًا، والرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يقولُ: "عَلَى نَارِكُمْ هَذه" (١)، أي: على نارِ الدُّنيا، ونارُ الدُّنيا كما هو معروفٌ فيها نارٌ شَديدةُ الحرارةِ وفيها نَارٌ متوسطة وفيها نارٌ باردة بالنِّسْبَةِ لغَيرهَا، ومع ذلك فإنها تُقَاس بأعلى نارِ في الدنيا فتفَضَّل عليها بتِسعٍ وستِّينَ جزءًا.

وقَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} مَانِعِينَ عنْهَا]: {مِنْ}: زائدِةٌ للتَّوكيدِ؛ لأن {نَاصِرِينَ} أصْلَهَا مبتدأٌ، وخبرُهُ قوله: {لَكُمْ} يعني: لا أحدَ ينْصُركُمْ فيمنَعُكُم مِنْ دُخولِ النار، وهذا كلامُ إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم- لأنه قالَ: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}.


(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة، رقم (٣٠٩٢)؛ ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها. . .، رقم (٢٨٤٣) عن أبي هريرة، ولفظه عند مسلم: "نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ". قالوا: واللَّه إن كانت لكافية يا رسول اللَّه؟ قال: "فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلَّهَا مِثْلُ حَرِّهَا".

<<  <   >  >>