أن يُسافِرَ إليها، هذا ما فسَّرهُ به المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ، والغَريبُ أن بعض المحشِّينَ قال: إن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ قال: [إلى حيثُ أمَرَنِي]، فرارًا من إثباتِ الجِهةِ للَّه؛ لأننا لو أخَذْنا بظَاهرِ الآية وهو قولُه:{إِلَى رَبِّي} لكان متَّجِهًا إلى اللَّه ذاته، وهم يرون أن اللَّه تعالى ليس في جِهةٍ، وهذا رأي الأشاعرةِ وكذلك مُعَطِّلِةُ الجهمِيَّةِ.
فإن الجَهْمِيَّةَ انقَسَمُوا في مسألةِ الجِهةِ إلى قِسمين:
* قِسمٌ حُلولِيَّةٌ، يَرَونَ أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كلِّ مكانٍ، وهؤلاء القدماءُ.
* وقِسمٌ أهلُ التَّعطِيلِ، يَرونَ أنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس في مكانٍ وليس في جِهةٍ، فيقولون: لا دَاخلَ العالم ولا خارِجَه، ولا متَّصِلٌ بالعالمِ ولا منْفصِلٌ عنه، ولا مُبايِنٌ ولا محايِدٌ. نسألُ اللَّه العَافِيةَ.
وهذه الجِهَةُ يُتَوصَّلُ بها إلى إنكارِ عُلُوِّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بذاتِهِ، فيقولون: إنك إذا قلت: إن اللَّهَ عالٍ بذاتِه على عرْشه، لزِمَ من ذلك أن يكون في جهةٍ، وإذا كان في جِهةٍ لَزمِ أن يكونَ متَحيِّزًا، والمتحيزُ محدودٌ، سبحان اللَّه! لا أدْرِي من أين جاءتهم هذه المقُدِّمَاتُ والنَّتائجُ، ونحنُ نقولُ لهم: مسألةُ الجِهةِ لا نُنكرُها في المعنى، ولكننَا ننكرُ جِهةً تحْصُرُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أي: تُحيطُهُ به؛ لأن اللَّه تعالى محُيطٌ بكُلِّ شيءٍ، لكِننا نُثبتُ بأنَّ له جِهة هي العُلُوُّ.