للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا يروَى عن ابنِ عبَّاسٍ -رضي اللَّه عنهما- أنه قال في زيدِ بنِ ثابِتٍ -رضي اللَّه عنه-: "ألَا يتَّقِي اللَّهَ زَيدٌ يجْعَلُ ابنَ الابنِ ابنًا، ولا يجعَلُ أبا الأبِ أبًا" (١)، وهذا هو الصحيحُ، فيكون على هذا فيه دَلِيلٌ على سُقوطِ الإخْوَةِ بالجدِّ في بابِ الميراثِ.

الفَائِدةُ الثَّالِثةُ: فضيلةُ إبراهيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وبَركتُهُ لقولِهِ: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}، وهذا هو الثَّناءُ المبارَكُ، وذلك بأن يكون في ذُرِّيَّةِ الإنسانِ من يُعطِيهُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى النُّبُوَّةَ والكِتابَ، أما النُّبوة بعد محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- فمتَعِذِّرَةٌ ومُسْتَحِيلَةٌ، أما الكتابُ الذي هو العِلْمُ فربما يجعلُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في ذُرِّيَّةِ الإنسانِ بركةً في العِلْمِ ونَشْرِهِ.

ومن ذلك قِصَّةُ عبدِ اللَّه بن أبي طَلْحة حيثُ دَعَا النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يبارِكَ اللَّهُ لأبي طَلْحَةَ في لَيلَتِهِ مع أهلِهِ، فصارَ لَعبدِ اللَّهِ هذا عَشْرَةٌ مِنَ الولَدِ كلُّهُم يحفْظُونَ القُرآنِ (٢)، وحِفْظُ القُرآنِ عندَ السلفِ ليس بالأمْرِ الهَيِّنِ كما هو عندنا الآن، الإنسانُ يحفَظُ القرآن ولكن لا يظْهَرُ عليه أَثَرُهُ، لكن عندَ السَّلَفِ إذا حَفظَ الإنسانُ القُرآنَ ظهَرَ عليه أَثَرُهُ بالسَّمْتِ والآدابِ والأخلاقِ والأعمالِ الصَّالحةِ.

الفَائِدةُ الرَّابِعة: إثباتُ الجزاءِ، لقولِهِ: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا}.

الفائِدَتانِ الخَامِسةُ والسَّادِسَةُ: أن الإنسانَ قد يُعَجَّلُ له الجزاءُ في الدنيا، لقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا}، وتَعْجِيلُ الجزاءِ للإنسانِ في الدنيا لا يُعَدُّ حِرمانًا له مِنْ أجرِ الآخِرَةِ، ولهذا قال: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}، وينْبَنِي


(١) انظر: المغني لابن قدامة (٧/ ٦٤)، وإعلام الموقعين (١/ ١٦٩)، وبداية المجتهد (٤/ ١٦٣).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٠٥، رقم ١٢٠٤٧)؛ وابن حبان (١٦/ ١٥٥، رقم ٧١٨٧)؛ وأبو يعلى (٦/ ٤٧٢، رقم ٣٨٨٢).

<<  <   >  >>