للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذه الفَائِدة أنَّ تَعْجِيلَ الثوابِ للإنسانِ في الدُّنَيا مِنْ نِعْمَةِ اللَّه على العبد؛ لأنَّ الإنسانَ يرَى أثرَ عَملِهِ فينشَطُ على العَملِ سواءٌ كان هذا الأثرُ في الأشياءِ الخارِجِيَّةِ أو كان في نفْسِ الإنسانِ، أي: في باطِنِهِ.

مثال ذلك من ثوابِ الأعمالِ الصالحِةِ: أن يجِدَ الإنسانُ في قَلبِهِ السُّرورَ والنُّورِ والارتياحِ إلى العَملِ الصالحِ، وهذا لا شكَّ أنه من الثوابِ العاجِلِ، ومثالُ الأشياء الخارجية أن تُرى له مَرَاءٍ سارَّةً، كما أخبرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن ذلك عاجلُ بُشْرى المؤمِنِ، أعنِي الرُّؤيا الصالحة يَراهَا الرجُلُ أو تُرَى له، قال النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المؤْمنِ" (١)، قال تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: ٦٤].

الفَائِدةُ السَّابِعة: يجوزُ الوصفُ بالمعنى الأعَمِّ دونَ الأخَصَّ لقوله: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}، وجهُ ذلك أن وصْفَ الصَّلاحِ أعَمُّ من وصَفَ النُّبُوَّةَ، ويجوزُ أن يُوصفَ به النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والأنبياءُ في ليلَةِ المعراجِ يقولون للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ" (٢).

الفَائِدةُ الثَّامِنة: تأكيدُ الثَّناءِ على إبراهيم عَلَيْهِ السَّلَامُ، لقوله: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} حيثُ أُكِّدَتِ الجُملَةُ بـ (إن واللام).

* * *


(١) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أثني على الصالح فهي بشرى ولا تضره، رقم الحديث (٢٦٤٢).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، رقم الحديث (٣٤٩)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم الحديث (١٦٤).

<<  <   >  >>