للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأكَدَّ هذا الإنكارَ باللامِ.

وقوله: {الْفَاحِشَةَ} اللام هنا للعَهْدِ، أي: الفاحِشَةُ المعلُومَةُ لديكم ودخلت (ال) عليها لعِظَمِها وقُبْحها، وفي بابِ الزِّنَا قالَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: ٣٢]، وفي نِكاحِ المحَارِمِ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: ٢٢]، فهذه ثلاثةُ تَعْبِيراتٍ، في اللُّواطِ وصَفَهُ اللَّه بالفاحِشَةِ بما نقله عن لُوطٍ، وفي باب الزِّنَا قال: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}، وفي نِكاحِ المحَارِمِ قال: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا}، إذنْ: نكاحُ المحارِمِ أعظمُ مِنَ الزِّنَا؛ لأنه وُصِفَ بوَصْفين سَيِّئَيْنِ: الفاحِشَةِ والمقْتِ، واللِّواطُ أقبحُ منهما من حيث الوصفِ فإنه الفاحِشَةُ التي تُسْتَفْحَشُ عند جميعِ النَّاسِ.

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} أيْ: أَدْبَارَ الرِّجالِ]: -أعوذُ باللَّه- أدبارُ الرِّجالِ هذا لا شكَّ أنه فاحِشَةٌ، كلُّ ذِي عَقْلٍ سليمٍ يستَفْحِشُهُ، أما من نَكَسَ اللَّهُ قَلبَهُ فلا تَستَغْرِبْ إذا قال: ليس بفاحشةٍ، كما أن الذين يَعبدُونَ الأصنام يَرَونَ أن ذلك منْقَبَةً وحَسَنَةً، فكذلك الذين يفعلون هذه الفاحِشَةَ يستَحْسِنُونَ هذا الأمر، ومن عجبٍ أن الواحدَ منهم يأتي الذَّكَرَ في حال شَبابِهِ، وهذا المأتي إذا كَبِرَ أتى غيره فيكون فاعلًا ومفعولًا بِهِ.

قوله تعالى: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ}.

{مَا}: نافِيَةٌ.

{مِنْ أَحَد}: فاعل (سبَق)، وحرفُ الجرِّ زائدٌ للتَّوكِيدِ، أي: ما سبَقَكُم بها أحدٌ.

<<  <   >  >>