للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا أيضًا خطأ، والصحيحُ المتَعَيَّنُ أنهم أجسامٌ؛ لأنهم يأكلون كما ثبت في الحديث: "لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ، أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا" (١).

الفَائِدةُ السَّابِعة: أنَّ إبراهيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أعظمُ منزلِةً مِن لُوطٍ، ولهذا جاءتِ الملائكِةُ إليه وأخْبَرُوه بأنهم مُهْلِكُو أهلِ هذا القريةِ.

الفَائِدةُ الثَّامِنة: أن الهلاكَ في الأصلِ إذا جاء يَشْمَلُ الصَّالِحَ وغير الصَّالحِ، لقوله: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا}، فلولا أنه يَشْملُ الجميعَ ما نَبَّهَهُم على هذا، بل إن اللَّه ذَكَرَ ما يَدُلُّ على ذلك صَرِيحًا، قال تعالى: {قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [المؤمنون: ٩٣ - ٩٤].

الفَائِدةُ التَّاسِعة: أن الملائكِةَ -عليهم الصلاة والسلام- لما أخْبَرُوا بأنهم سيُهْلِكون هذه القريةَ بيَّنُوا السببَ مِنْ أجلِ أن يطْمَئِنَّ إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لقوله تعالى: {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}.

الفَائِدةُ الْعاشِرَةُ: جوازُ إضافَةِ الحُكم إلى سَببِهِ، لقولِهِ تعالى: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}؛ لأن الذي يُهْلِكُهم حقيقةً هو اللَّه جَلَّا وَعَلَا كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [الحج: ٤٥]، ولا بُدَّ عند إضافَةِ الشيءِ إلى سبَبِهِ أن يكونَ مَعْلومًا شَرعًا وحِسًّا.

* * *


(١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، رقم (٤٥٠).

<<  <   >  >>