وقوله تعالى:{سِيءَ بِهِمْ} هو جَوابٌ {وَلَمَّا}، ونائبُ الفاعِلِ يعودُ إلى لُوطٍ، ونائبُ الفاعلِ هنا الجارُّ والمجرورُ؛ لأن ساءَ في الأصل يكون متعَدِّيًا بنفسه تقول: ساءَنَي هذا الشيءُ، وهنا تَعَدَّى بالجار والمجرور.
قوله تعالى:{ذَرْعًا} إعرابُهُ تَمْييزٌ مُحَوَّلٌ عن الفاعِلِ، والتَّمْيِيزُ يكونُ مُحَوَّلًا عنِ الفاعِلِ وعَنِ المفْعُولِ، مثالُ المحَوَّلِ عَن المفْعُولِ:{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا}[القمر: ١٢]، أصله: فجَّرْنَا عيونَ الأرضِ، ومثالُ المحَوَّلِ عَنِ الفاعِلِ هذه الآيةُ، ومثالُهُ أيضًا أن تقولَ: انشَرِحْ بهم صَدْرًا، أي: صَدرُهُ، هنا ضاق بهم ذَرعًا، أي: ضاقَ ذَرْعُهُ.
وقد فسَّرَ المُفَسِّر الذَّرْعَ بقوله:[ضَاقَ بهِمْ صَدْرًا]: أي: ضاق صَدْرُهُ بهم ولم يَنْشَرِحْ، أي: حَصَلَ له هَمٌّ وغمٌّ بذلك.
وقيل -وهو الصحيح-: إن الذَّرْعَ الطاقَةُ، أي: ضَاقَ بهم طاقَةً، فصار غيرُ محتمل لهم، وهذا مِنْ معناه في اللُّغةِ العربيةِ، وسمِّيَتْ الطاقَةُ ذَرْعًا مِنَ الذِّرَاعِ؛ لأن الذِّرَاعَ محل الحِمْلِ، والطاقَةُ هي التي يستطيعُ المرءُ أن يحمِلَ بها الشيءَ أو لا يحْمِلَهُ.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} لأنَّهُم حِسانُ الوُجُوهِ في صُورَةِ أضْيَافٍ فخَافَ علَيهِمْ قَومَهُ، فأَعْلَمُوهُ أنَّهُمْ رُسُلٌ]: فهو ضاقَ بهم خوفًا عليهم من قَومِه لأن قومَه أهلُ خُبْثٍ، كما قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ}[الأنبياء: ٧٤]، فلما سَمِعُوا بذلك كما ذَكَر اللَّهُ في آياتٍ أُخْرى