عن قطعِ أشجَارِها؛ لأنها للاستغلال، فقَطْعُها إفساد لها.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَكَذَّبُوهُ} كانت مقابَلَةُ هؤلاء القومِ لهذه الدَّعْوَةِ التي تدْعُو إلى الخيرِ في قولِهِ: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} وتَنْهَى عَنِ الشَّرِّ في قوله: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}؛ كان جوابُهُم ورَدُّهم قال:{فَكَذَّبُوهُ} مع أن التَّكذِيبَ إنما يكونُ في الخبَرِ، وشُعيبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قال:{اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ}، وقال:{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، وكلُّ هذه الجُمَلِ الثلاثِ إنشائيَّةٌ وليستْ خَبَرِيَّةً، وكان مقتَضَى الظاهِرِ أن يقولَ: فعَصَوْه، وهنا قال: فكَذَّبُوه.
الجواب: يقال: إنه قال لهم هذه الأوامرَ باعتبَارر رَسُولًا من عندِ اللَّهِ فكذَّبُوه، أي: بدَعْوى الرِّسالَةِ، وهذا أبلَغُ مِنَ العِصيانِ؛ لأنهم أنكَرُوا رسالَتَهُ رأسًا، فلم يُقِرُّوا بالرسالة، ثم يقولوا بعد ذلك: إننا نَعْصِيكَ في هذه الأوامِرِ، فكان هذا أبلغَ من قولِهِ: فعصوه.
قوله:{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}(الفاء) يُحتَمَلُ أن تكونَ للتَّعْقِيبِ أو للسببية، فإن قلنا: إنها للتَّعْقِيبِ؛ فهو دَليلٌ على أنه بمجرَّدِ تكذِيبِهم عُوقِبُوا، وإن قلنا: للسَّبَبِيَّةِ، فإنه لا يلزم من ذلك أن تكونَ عُقوبتُهم قريبَةً مِنْ تَكْذِيبِهم؛ لأنه يحتمل أن اللَّه أمْهَلَهُمْ بعد التكذيبِ ثم أخذتَهْمُ الرَّجْفَةُ؛ على أننا إذا جعلناها للسَّبَبِيَّةِ لا تُنَافي أو لا تمْنَعُ أن تكونَ العُقوبَةَ مباشِرَةٌ، وعلى هذا فنقول: إن الأَوْلى أن تكونَ للسَّبَبِيَّةِ لوجُوهٍ ثلاثَةٍ:
الوجه الأول: دَلالَتُهَا على حكمة العُقوبةِ وهي التَّكْذِيبُ.
الوجه الثاني: أنها أوْسَمعُ دَلالَةً من أن تكونَ الفاءُ للتَّرْتِيبِ؛ لأنها تَشْمَلُ ما أَعْقَبَ التكذِيبَ وما تأَخَّرَ عنه.