والمرحلةُ الأخيرةُ: يومُ القيامةِ، ولهذا سُمِّيَ باليومِ الآخِرِ.
قولُهُ:{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}(لا تَعْثوا) أي: لا تُفْسِدُوا.
وإعرابُ {مُفْسِدِينَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [حالٌ مؤَكِّدَةٌ لعَامِلِها من عَثِيَ بكَسْرِ المثُلَّثَةِ، أي: أفْسَدَ]، ومعنى قولِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: حالٌ مؤكِّدَةٌ له، أي: بمعناه: وهذا التأْكِيدُ معنَوِيٌّ لأنه ليس من مادَّةِ الفِعلِ.
يقولُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[مِنْ عَثِيَ بكسرِ المثلَّثَةِ: أفسَدَ]: يقال: عَثِيَ يَعْثَى كفَرِحَ يَفْرَحُ، وأبواب التَّصْرِيفِ سِتَّةٌ منها: فَعِلَ يفْعَلُ كرَضِي يَرْضَى، ويجوز أن تكونَ من باب فَعَلَ يفْعُلُ كعَثَا يَعْثُو، وكلاهما بمعنى أفْسَدَ.
وقوله:{وَلَا تَعْثَوْا} هلِ المرادُ الإفسادُ الحِسِّيُّ كهدْمِ البِناءِ وإفْسادِ الأنهارِ وقَطْعِ الأشجارِ ونحو ذلك، أو أنَّ المرادَ الإفسادُ المعْنَوِيُّ، أو كلاهما؟
المرادُ: كلاهما، فالإفسادُ في الأرضِ يشْمَلُ الإفسادَ بالمعَاصِي، ويشْمَلُ الإفسادَ الحِسِّيَّ المادِّي، والدليلُ على هذا أن النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نهى عَنْ إضاعَةِ المالِ (١)، وروى أبو داودَ أن الصَّحَابَة كانوا مع النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فنزلوا أرْضًا فنهاهُمْ
(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب ما يكره من قيل وقال، رقم (٦١٠٨)؛ ومسلم: كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة. . .، رقم (٥٩٣) عن المغيرة بن شعبة، مسلم بلفظ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمُّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ المَالِ".