للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {اعْبُدُوا اللَّهَ}: أي: أخْلِصُوا له العبادَةَ، لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥].

فالمرادُ بالعبادَةِ هُنا: إخلاصُ العِبادَةِ للَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وقَال المُفَسِّر: [{وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} اخشَوْه، هو يومَ القِيامَةِ]: الرجاءُ يُطْلقُ على الطَّمَعِ في المحبوبِ في الأصلِ، ويُطلَقُ الرجاءُ بمعنى الخَوفِ، فهو من بابِ الأضدادِ؛ لأن اللُّغةَ العربيةَ فيها كَلماتٌ تدُلُّ على المعنى وضَدِّهِ تُسَمَّى (الأضداد)، وألَّفَ علماءُ اللُّغةِ في هذا كُتُبًا، فتَجِدُ الكلِمَةَ الواحدةَ تَدُلُّ على المعنى وضِدِّهِ.

وهل الرجاءُ هنا بمعنى الخوفِ أو بمعنى الطمعِ في المحبوبِ؟

المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ حَمَلهَا على أن المرادَ بها الخوفُ، وذلك أن المقامَ مقامُ إنذارٍ، ويُحتَمل أن تكونَ بمعنى الطَّمَعِ في المحبوب؛ لأن اليومَ الآخِرَ فيه المحبوبُ وفيه المكرُوهُ، قال تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ} إلى قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} [هود: ١٠٥ - ١٠٨].

فلو قال قائلٌ: ألا يجوزُ أن نَحْمِلَهُ على المعْنَيينِ جَميعًا، أي: ارْجُوه خَوفًا من العقابِ وطَمَعًا في الثَّوابِ؟

الجواب: نعم، يجوزُ أن يكونَ شامِلًا للأمرين، والرَّاجِحُ عندي -وهو قولٌ لبعض العلماء- جوازُ استِعْمالِ المشتَركِ في مَعنَيين إذا لم يكن بينهما تَنَافٍ.

وقولُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ} هُو يومُ القِيامَةِ]: لأنه لا يومَ بعدَهُ إذ إن الناسَ لهم أربعُ مراحِلَ:

المرحلةُ الأولى: فِي البَطْنِ.

والمرحلة الثانية: في الدُّنْيَا.

<<  <   >  >>