لو قال قائلٌ: هل يجوزُ أن يقولَ المسلمُ للكافر: هذا قَرِينِي؟
الجواب: على المسلِمِ أن يتَحَاشَى كُلُّ لفظٍ يَدُلُّ على الموافَقَةِ للكَافِر، وعلى كُلِّ حالٍ القَرِينٌ للإنسان الشيطانُ وهو عَدُوٌّ، لكن لفظَةُ (قرين) تَدُلُّ في الوقتِ الحاضرِ على المصَاحَبَةِ والموافَقَةِ والمرافقة، فالأَوْلَى البعدُ عن كل لَفْظٍ يدل على الاتِّفاقِ مع هؤلاء.
وقوله:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}، هل مَدْينُ اسمٌ للقبيلَةِ أم أنه اسمٌ للبَلَدِ؟
قال تعالى في آيةٍ أُخْرى:{وَأصْحَابُ مَدْيَنَ}[الحج: ٤٤]، ظاهِرُ هذه الآية أن المرادَ بها المكانُ، وأما قوله تعالى:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}، فهذا من بابِ إطلاقِ القَريَةِ وإرادَةِ الأهْلِ، وأما قوله تعالى:{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ}[القصص: ٢٢]، فيُرادُ بها المكان مع أنها ليستْ بصَريحَةٍ؛ لأن الإنسانَ قد يتَوَجَّهُ تلقاءَ القومِ، ويُحْتَمَلُ أن البلدَ سمِّيَتْ باسم القَبيلَةِ، وإذا قلنا بهذا يَخِفُّ الإشكال.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{يَاقَوْمِ}(يا): حرفُ نِداءٍ، و (قوم): مُنَادَى منصوبٌ على النِّداءِ، وعلامة نَصبِهِ فتحةٌ مقَدَّرَة على ما قبل ياءِ المتكَلِّمِ المحذُوفَةِ لالتقاءِ الساكِنَيْنِ، منعَ من ظُهورها اشتِغالُ المَحِلِّ بحركةِ المناسَبَة، وفي قوله:{يَاقَوْمِ} من التَّلَطُّفِ ما هو ظاهر؛ لأن قومَ الرجلِ لا بُدَّ أن ينْصُروه ويَقْبَلُوا ما جاء بِهِ.
وقوله:{اعْبُدُوا}: أي تَذَلَّلُوا له بالطَّاعَةِ؛ لأن العبادةَ مأخوذةٌ مِنَ التذَلُّلِ، ومنه قولهم: طريقٌ معَبَّدٌ أو مذَلَّلٌ للسَّالكِينَ، فالعبادُة هي التَّذَلُّلُ للَّه عَزَّ وَجَلَّ بطاعَتِهِ، والطاعةُ هي امتثَالُ الأمرِ واجتنابُ النَّهْي عن الإطلاقِ، أما إذا قَرَنتَ فقيل:(طاعَةٌ ومَعْصِيَةٌ) صارت الطاعةُ في الأوامِرِ والمعْصِيَة في النَّواهِي.