إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} [الأحقاف: ٢١]، وثمودُ قومُ صالحٍ جِهة ثمود، معروفة إلى الآن.
وقوله:{وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ}، أي: ظَهَرَ لكُمْ، والخِطابُ لقُرَيْشٍ؛ لأنهم تَبَيَّنَ لهم هذا ويعْرفُونَهُ.
وقوله:{مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} على تقديرِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ تكون سَبَبِيَّةً، أي: تبينَ لكُمْ إهلاكُنا إياهم بسببِ رؤْيتِكُمْ مساكِنَهُمْ، لكن: أفلا يجوز أن نجعل (مِن) للتَّبعِيض، ويكون المعنى: تبَيَّنَ لكم من مساكنِهِمْ، أي: بعضَ مساكنِهِمْ، لكني ما رأيت أحدًا أعرْبها هذا الإعراب، أي: تبيَّن لكم بعضَ، والبعض قد زَال، فإن المشاهد الآن بعضُ هذه المساكِنِ والآثارِ.
أما على تَقْدِيرِ المُفَسِّر فإن فاعِلَ {تبَيَّن} مستَتِرٌ والتقدير: إهلاكُهُمْ.
بالنسبة للفاعل: هل نقول: الفاعلُ محذوفٌ أو مُسْتَتِرٌ؟
قالوا: الفاعلُ محذُوفٌ لأنه لا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ في هذا الموضِعِ، أما إذا كان يمكنُ تقْدِيرُهُ فإنه يقال: مُسْتَتِرٌ، والمحذوفُ قد يكون عُمدَةً وقد يكون فَضْلَةً، والمؤلف كلامُهُ يوهِمُ بأنه محذوفٌ، ولو قال رَحِمَهُ اللَّهُ:{وَقَد تَبَيَّنَ} أي: إهْلاكُهم، وجَعَلها مُفَسِّرَةً للمحْذُوفِ لكان أوْلَى.
قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[مِنْ مسَاكِنِهِمْ بالحِجْرِ واليمَنِ] هذا لَفٌّ ونشْرٌ مشَوَّشٌ وليس مَرَّتَبًا؛ لأن الحِجرَ يعودُ على ثمودَ، وهو متأخِّرٌ في القرآنِ، واليمنُ يعودُ على عادٍ، ومثل هذا لا ينْبَغي؛ لأن الجاهلَ الذي لا يَدْرِي عن مكانهم يقول: الحِجْرُ لعَادٍ، اليمنُ لثمودَ.