وقوله:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} هذا على تقدير (قد)، يعني: وقد زَيَّنَ لهم الشيطانُ أعمالهم، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[من الكُفْرِ والمعاصِي].
وقوله:{وَزَيَّنَ} بمعنى: حسَّن وجمَّل، فحَسَّنَ لهم -والعياذ باللَّه- الأعمالَ مِن الشركِ والمعَاصِي، وقال: إن هذه الأصنامَ تُقَرِّبَكُم إلى الخالقِ، قال تعالى في شأنِهِمْ:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣]، ثم إنَّكُم ترْجُونها وتَدْعُونها فيحصلُ لكم المقصودُ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قد يَبْتَلي العابِدين فيحصُلُ مقْصُودُهُم عند هذا الشيء لا بِهِ.
الآن نقول: عندَهُ لا بِهِ، فقد يَدْعُو المشركُ الصنَمَ أو النَّبِيَّ أو ملِكًا من الملائكةِ فيُقَدِّرُ اللَّه ابتلاءً وامتحانًا أن يكونَ هذا السبب عندَ دُعائه لَهُ، نحن المؤمنين نعلم أنه ما حصل به لكن حَصَلَ عِنْدَهُ، وقد يُبتَلَى الإنسان بالامتحانِ بالمعْصِيَةِ وتُسَهَّلُ له وتُزَيَّنُ، وقد امتحنَ اللَّه اليهودَ بالحِيتانِ تأتي يومَ السبت ولا تأتِي غيرَهُ.
وأيضًا قال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في رَجُلٍ دَعَتْه امرأةٌ ذاتُ منْصِبٍ وجَمالٍ فقال:"إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ"(١)؛ لأنه لا يوجد عندَها أحَدٌ، لو كان عندهما أحدٌ لقال: إني أخاف الناسَ، لكنه قال: إني أخافُ اللَّهَ.
والحاصل: أن الشيطانَ يُزَيِّنُ الشِّركَ وكذلك يُزَيِّنُ المعاصي للإنسان، ويقول: اعْمَل والرَّب غَفور رحيمٌ، ثم تَتُوبُ، الدنيا أمامَكَ، إذا لم يتِمَّ لك أربعون سنة فإن الصلواتِ لا تَجِبُ عليك، وكذلك الصيامُ، فإذا بلغت أشدك فحينئذ تَجِبُ
(١) أخرجه البخاري: كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، رقم (٦٤٢١)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم (١٠٣١).