للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليكَ الصلاةُ والصيامُ، هذا موجود الآن عند بعض المسلمينَ الجهالِ.

وقوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ} الشَّيْطَانُ قِيلَ: مِنْ (شطن) أي: بَعُدَ عن رحْمَةِ اللَّهِ، فيكونُ وزنُهُ فَيْعَال، وقيل: من شاطَ فيكون وَزْنُهُ فَعلان، والأقربُ أنه من شَطَنَ إذا بَعُدَ، والشيطانُ مَصروفٌ وليسَ ممنوعًا من الصَّرْفِ لأنه مُنَكَّر؛ لأن الذي يُمْنع مِنَ الصرفِ لا بد أن يكونَ وَصْفًا أو عَلمًا مع زيادة الألف والنون، والشيطان ليس بِعَلَمٍ، لكن قد يرادُ به الجِنسُ كما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْكَلْبُ الأَسْوَدُ شَّيْطَانٌ" (١).

ولذلك يقولُ الفقهاءُ -رحمهم اللَّه تعالى-: "لا يجوزُ تَأخِيرُ القَضَاءِ إلى رَمَضانٍ آخَرَ" (رمضانٍ) بالتنوين لأنه نكرة.

وقوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} هنا أضافَ التَّزْيِينَ إلى الشيطانِ، وفي آية أُخرى أضافَ التَّزْيِينَ إلى نفسه عَزَّ وَجَلَّ، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} [النمل: ٤]، فالجمعُ بين الآيتين: أن الإضافةَ باعتبارِ السَّبَبِ وباعتبارِ الفاعِلِ الحقيقي، فالفاعل الحقيقيُّ هو اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن كلَّ شيءٍ بقَضاءِ اللَّهِ وقَدَرِهِ، والسبب هو الشيطانُ، وأضيفَ التَّزْيِينُ إليه لأنه مباشِرٌ له، فيضافُ إلى اللَّه تعالى خَلْقًا وتقديرًا، ويضاف إلى الشيطانِ على سبيل المبَاشَرَةِ.

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}، أي: صرَفهُم، وهذا مِنِ استِعْمالِ الفِعلِ (صَدَّ) متعديًا؛ لأنه يكونُ لازِمًا ومتَعَدِّيًا، فإذا قلت: (صدَّ الرَّجُلُ عن سبيلِ اللَّهِ فَضَلَّ)، هذا لازمٌ.


(١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، رقم (٥١٠).

<<  <   >  >>