للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} هنا الفِعْلُ متَعدٍّ، قال عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: ٦١]، {صُدُودًا} مصدرٌ على وَزنِ فَعُولٍ، فصدَّ هنا لازِمٌ، قال ابنُ مالكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ (١):

وفَعَلَ اللازمُ مِثْلُ قَعَدَا ... لَهُ فُعُولٌ بِاطِّرِادٍ كَغَدَا

يعني: (فَعَلَ) اللازم مَصْدَرُهُ فعولٌ، صَّدَّ. . . صُدُودًا.

وأما (صَدَّ) المتعَدِّي فمصدَرُهُ (صدًّا) لقولِ ابنِ مالك رَحِمَهُ اللَّهُ:

فَعْلٌ قياسُ مَصْدَرِ المُعَدَّى ... مِنْ ذِيْ ثَلَاثَةٍ كردَّ رَدَّا (٢)

وأما قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ١]، هل هِي لازِمَةٌ أو متَعَدِّيَةٌ؟ الأقرب أنها متَعَدِّيَةٌ لأنهم صدُّوا عن سبيلِ اللَّه غيرَهُم.

وقوله: {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} (ال) فِي {السَّبِيلِ} للعَهْدِ الذِّهْنِي المعلومِ، وهو سبيلُ الحَقِّ، ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [سَبيلُ الحقِّ]، وهو سبيلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وسُمِّي سبيلُ اللَّه لأنه يوَصِّلُ إليه، ولأنه هو الذي وضَعَهُ لعبادِهِ كما في قوله تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥٣]، وقد يُضافُ إلى المؤمنين كقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، فأضافَهُ للمُؤمِنينَ لأنهم هم المنتفِعُونَ.

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} ذَوِي بَصَائِر]، يعني: أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ


(١) الألفية البيت رقم (٤٤٢).
(٢) الألفية البيت رقم (٤٤٠).

<<  <   >  >>