ذُنُوبهِمْ أُخِذُوا، وعلى قَدْرِ ذُنوبهِمْ أُخِذُوا، وما تجاوزُ اللَّه بهم أكثرَ مما يستَحِقُّونَ، بل بالسَّبَبِ والقَدَرِ.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ:{بِذَنْبِهِ} بالإفرادِ، وجاء في موضعٍ آخَرَ مِنَ القرآن الكريم:{بِذَنْوبِهِمْ} بالجمعِ، والجمعُ بينهما أن المفردَ هنا مضافٌ فيَعُمُّ، أي: بذُنوبِهم، والذُّنوبُ هي المعاصِي سواءٌ كانت كبيرةً أو صغيرةً، وهي هنا بلا شك من أكبرِ الكبائرِ.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا}: قوله: {فَمِنْهُمْ} هذا تَفْصِيلٌ؛ لأن قوله عَزَّ وَجَلَّ:{بِذَنْبِهِ} مجمَلٌ فُصِّل بقولِهِ: {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا}، قال:{أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ} ولم يَقُل: أرْسلَنْا إليه؛ لأن هذا إرسالُ عَذَابٍ فهو عالٍ عليهم، وليس إرسالَ خِطابٍ حتى نقول: إن غايةَ هذا الخطابِ المرسَلِ إليه، بل هو إرسالُ عَذابٍ.
وقوله: [{أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ} ريحًا عاصِفَةً فيها حَصْبَاءُ كقومِ لُوطٍ]: هذا فيه نظَرٌ؛ لأن قومَ لُوطٍ أرسلَ اللَّه عليهم حاصِبًا مِنَ السماءِ وهي حِجارةٌ مِنْ سِجِّيلٍ تَحْصِبُهُمْ، كالتي أُرسلِتْ على أصحابِ الفِيلِ، وليست هي الحَصباءُ التي تُذْريها الرياح، وليس في عِلْمِنَا أن اللَّه تعالى أرسل الرياحَ على قوم لوطٍ، ولو كانت رِياحًا تَحْمِلُ الحصباء لبينها اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
ولو قالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّا أرْسَلْنَا عليهم حاصِبًا كقومِ لُوطٍ؛ لكانَ صَوابًا.
وقوله: [{وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} كثَمُودَ]: أي: قومُ صالحٍ، وكذلك كقومِ شُعَيبٍ أصحابِ مَدْيَنَ، ففي آياتٍ أُخْرَى أنهم أخَذَتهُم الصَّيْحَةُ.