للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك من الصفات، ولهذا ورد في الحديث أنهما اسمُ اللَّه الأعْظَمُ (١).

وقوله: {الْحَكِيمُ} فيه إثباتُ الحُكْمِ والحِكْمَةِ، وفي الجمع بين اسمي العَزيزِ والحكيم تظْهر صفةٌ ثالثةٌ، وهي أن عِزَّةَ اللَّهِ مقرونَةٌ بالحِكمةِ ليست كعِزَّةِ غيرهِ من المخلوقين؛ لأن عِزَّةَ المخلوقِ قد تكونُ خالية مِنَ الحِكْمةِ، وقد تقدم ذلك في التفسير.

الفَائِدةُ الرَّابِعة: ينبغي التأَمُّلُ إذا خُتِمتِ الآيات بما يكون مخالفًا لظاهِرِ الحالِ أو السياقِ كهذه الآية، فقد يتبَادَرُ إلى الذِّهْنِ أن تُختَمَ بالعِلم، ولكن عند التأَمُّلِ يكون ختْمُهَا بالعزَّةِ والحكمةِ أوْلى، ومن ذلك قولُه تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: ١١٨]، فظاهرُ السياقِ يَدُلُّ على أن تُخْتَمَ الآيةُ بالغفورِ الرَّحِيمِ؛ لكن عدَل عنه لغايَة بلاغِيَّةٍ، فتأَمَّل وتوقَّفَ فإن الخَللَ منك، وكلامُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا خَللَ فِيهِ.

* * *


(١) أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة، باب الدعاء، رقم (١٤٩٦)، ولفظه: اسم اللَّه الأعظم في هاتين الآيتين: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، وفاتحة سورة آل عمران {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}؛ والترمذي: كتاب الدعوات، باب جامع الدعوات عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٣٤٧٨)؛ وابن ماجه: كتاب الدعاء، باب اسم اللَّه الأعظم، رقم (٣٨٥٥)؛ وأحمد (٦/ ٤٦١) (٢٧٦٥٢).

<<  <   >  >>