للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعظمَ مِنْ ذِكْرك إياه.

وقَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} مَنْ غَيرِهِ مِنْ الطَّاعاتِ]: ظاهِرُ كلامِ المُفَسِّر أن المرادَ بالذِّكْرِ الذكرُ المنْفصِلُ عن الصلاةِ لا الذِّكْرَ الذي في الصلاة، يعني: أن الصلاةَ تَنْهَى عنِ الفَحشاءِ والمنْكَرِ، وذكر اللَّه أعظمُ نهيًا عَنْ الفحشاءِ والمنكرِ وأكبر، ويحْتَمُلُ أن يكونَ المرادَ: ولذِكْرِ اللَّهِ الموجودِ في الصَّلاةِ والموجودِ بها، الموجودُ فيها كالتَّسْبيحِ والتَّكبيرِ والقِراءةِ، وذِكْرُ اللَّهِ الموجودُ بها يعْني ما يحصلُ من ذكرِ اللَّه بِسبَبِهَا.

قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} هذه الجملةُ خَبَرِيَّةٌ، لكن ليس المقْصودُ منها إخبارَنَا أن اللَّه يعْلمُ ما نصْنَعُ، بل لها معنى عظيم وهو: التَّحْذِيرُ من أن نَصْنَعَ ما يخالِفُ شَريعَتَهُ وُقوعًا في النَّهْي أو تَرْكًا للأمْرِ، فالآية للتَّرغيبِ في فِعْلِ الأوامِرِ وللتَّرهيبِ من مخالَفَتِهِ وعِصْيانِهِ فَهي شامِلَةٌ للأمْرَيْنِ، وإن كان الأقربُ أنها للتَّرغِيبِ لأن قَبْلَهَا أمْرٌ، بخِلافِ ما لو كان قبلها نَهْي لكانت للتَّرهيبِ.

وقوله: {يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (مَا) اسمٌ موصولٌ دالٌّ على العمومِ يشْمَلُ كلَّ ما نصنَعُ من قولٍ أو فعْل، سواء فيما يتعلَّق بحقِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفِيمَا يتعلَّق بحقِّ عبادِهِ.

وقوله: [{يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} ليُجَازِيكُم بِهِ]: هذ النتيجةُ، وهي نتِيجَةٌ واضحِةٌ، والمجازَاةُ تكونُ في الدُّنْيا ويومَ القِيامة، والمجازَاةُ على ما نَصْنَعُ قد تكونُ شَرْعِيَّةٌ بفعلِ العبدِ مثلُ الحُدودِ، فإن الحدودَ عقوبةٌ شَرْعِيَّةٌ بفِعْلِ العبدِ، فالعبدُ هو المأمورُ بفِعْلِهَا، وقد تكونُ المجازاة كونية قَدَرِيَّةٌ بفِعْلِ اللَّه، كما لو أصيبَ الإنسانُ بأمراضٍ وتَلَفِ أموالٍ وما أشْبَه ذَلِكَ.

لو قالَ قائلٌ: هل الأمراضُ والمصَائبُ التي تُصِيبُ العبدَ عُقوبة أو ابتلاء؟

<<  <   >  >>